أربع قواعد من قواعد الدين
يميّز بهن المسلم دينه من دين المشركين
بسم الله الرحمن الرحيموبعد فهذه أربع قواعد من قواعد الدين يميز بهن المسلم دينه من دين المشركين
القاعدة الأولى
أنّ الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا مقرّين لله بتوحيد الربوبية، يشهدون أنّ الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبّر لجميع الأمور ولم يدخلهم ذلك في الإسلام، والدليل قوله تعالى
قل مَن يرزقكم من السماء والأرض أمّن يملك السمع والأبصار ومَن يُخرج الحيّ من الميت ويُخرج الميت من الحي ومَن يدبّر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتّقون
القاعدة الثانية
أنّ الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أرادوا ممّن قصدوا إلاّ قربة وشفاعة
ودليل القربة، قوله تعالى
والذين اتّخذوا مِن دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليُقرِّبونا إلى اللهِ زُلفى، إنّ الله يحكُم بينهم فيما هم فيه يختلفون، إنّ اللهَ لا يهدي مَن هو كاذبٌ كفّار
ودليل الشفاعة، قوله تعالى
ويعبدون مِن دون اللهِ ما لا ينفعُهم ولا يضرّهم ويقولون هؤلاءِ شُفعاؤنا عند الله، قل أتنبِّئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يُشركون
القاعدة الثالثة
أنّ الله بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهل الأرض وهم على أديان مختلفة وعبادات متفرّقة، منهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد النبيين والصالحين ومنهم من يعبد الأحجار والأشجار، وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يفرّق بينهم، والدليل قوله تعالى
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كلّه لله
ودليل الملائكة، قوله تعالى
ويوم نحشُرهم جميعا، ثمّ نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون. قالوا سبحانك أنت وليُّنا مِن دونهم، بل كانوا يعبدون الجنّ أكثرهم بهم مؤمنون
ودليل النبيّين، قوله تعالى
وإذْ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون الله؟ قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق، إنْ كنتُ قلته فقد علمتَه، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، إنّك انت علاّم الغيوب. ما قلتُ لهم إلاّ ما أمرتني به أنِ اعبدوا الله ربّي وربّكم، وكنتُ عليهم شهيدا ما دمتُ فيهم، فلمّا توفّيتني كنتَ أنت الرّقيب عليهم، وأنت على كل شيء شهيد، إنْ تعذّبهم فإنّهم عبادك، وإنْ تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم
ودليل الصالحين، قوله تعالى
قل ادعوا الذين زعمتم مِن دونه، فلا يملكون كشفَ الضّر عنكم ولا تحويلا، أولئك الذين يدْعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه، إنّ عذاب ربك كان محذورا
ودليل الأحجار والأشجار، قوله تعالى
أفرأيتم اللاّت والعزّى ومناة الثالثة الأخرى
القاعدة الرابعة
أنّ الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يُخلصون في الشدّة ويُشركون في الرّخاء، والدليل قوله تعالى
فإذا ركِبوا في الفلكِ دعَوُا الله مخلصين له الدينَ فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يُشركون
وأهل زماننا هذا، يشركون في الشدّة وفي الرّخاء كذلك والله أعلم
فإن قيل: فما الجامع لعبادة الله؟ قلت: طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. فإن قيل: فما أنواع العبادة التي لا تصلح إلاّ لله؟ قلت: من أنواعها الدعاء والإستعانة والإستغاثة وذبح القربان والنذر والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والمحبة والخشية والرغبة والرهبة والتأله والركوع والسجود والخشوع والتذلل والتعظيم الذي هو من الخصائص الإلهية.. ودليل الدعاء، قوله تعالى
وإنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا
وقوله تعالى
له دعوة الحق، والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيءٍ إلاّ كباسط كفّيه إلى الماء ليبلغ فاهُ وما هو ببالغه، وما دعاء الكافرين إلاّ في ضلال
ودليل الإستعانة، قوله تعالى
إياك نعبد وإياك نستعين
ودليل الإستغاثة، قوله تعالى
إذ تستغيثون ربَّكم فاستجاب لكم
ودليل الذبح، قوله تعالى
قل إنّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له، وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين
ودليل النذر، قوله تعالى
يوفون بالنّذر ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً
ودليل الخوف، قوله تعالى
إنّما ذلكم الشيطان يُخوِّف أولياءه فلا تخافوهم وخافونِ إنْ كنتم مؤمنين
ودليل الرجاء، قوله تعالى
فمَن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحاً ولا يُشرك بعبادة ربه أحداً
ودليل التوكل، قوله تعالى
وعلى الله توكلوا إن كنتم مؤمنين
ودليل الإنابة، قوله تعالى
وأنيبوا إلى ربّكم وأسلموا له
ودليل المحبة، قوله تعالى
ومن النّاس مَن يتّخذ من دون الله أنداداً يُحبّونهم كحبِّ الله، والذين ءامنوا أشدّ حبّاً لله
ودليل الخشية، قوله تعالى
فلا تخشوا الناس واخشون
ودليل الرغبة والرهبة، قوله تعالى
إنّهم كانوا يُسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً، وكانوا لنا خاشعين
ودليل التالّه، قوله تعالى
وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم
ودليل الركوع والسجود، قوله تعالى
يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربّكم وافعلوا الخير لعلّكم تُفلحون
ودليل الخشوع، قوله تعالى
وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أُنزل إليكم وما أُنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً أولئك لهم أجرهم عند ربّهم إنّ الله سريع الحساب
فمن صرف شيئاً من هذه الأنواع لغير الله فقد أشرك بالله غيره
فإن قيل: فما أجلُّ أمرٍ أمر اللهُ به؟ فقل: أجلّ ما أمر الله به، توحيده بالعبادة، وقد تقدم بيانه، وأعظم نهي نهى الله عنه، الشرك به، وهو أن يدعو مع الله غيره، أو يقصده بغير ذلك من أنواع العبادة.. فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله، فقد اتّخذه ربّا وإلهاً، وأشرك مع الله غيره، أو يقصده بغير ذلك من أنواع العبادة. وقد تقدّم من الآيات، ما يدلّ على أن هذا هو الشرك الذي نهى الله عنه، وأنكر على المشركين
وقد قال تعالى
إنّ الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ومن يُشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً
وقال تعالى
ومن يُشرك بالله فقد حرّم اللهُ عليه الجنّة، ومأواه النار، وما للظالمين من أنصار